تقرير: بكر العطار
الصراع حول كشمير يشير إلى نزاع إقليمي بين الهند وباكستان (وبين الهند وجمهورية الصين الشعبية) حول كشمير، في الشمال الغربي لشبه القارة الهندية، نشبت بسببها حروب ومواجهات عسكرية بين البلدين، تبعها مؤتمرات قمة، سعيا إلى حل هذه المشكلة التي زاد خطرها خاصة بعد انضمام الدولتين إلى النادي النووي.
ويحتل إقليم جامو وكشمير موقعًا إستراتيجيًا هامًا في جنوب القارة الآسيوية، حيث تحده الصين من الشرق والشمال الشرقي، وأفغانستان من الشمال الغربي، وباكستان من الغرب والجنوب الغربي، والهند في الجنوب، وتبلغ مساحته حوالي (84471) ميلاً مربعًا، ويشكل المسلمون فيه أكثر من 90% من السكان،ولا شك أن الإقليم يمثل أهمية استراتيجية وسياسية و اقتصادية بالنسبة للبدين.
بالأمس وجّه مستشار رئيس الوزراء للشئون الخارجية والأمن القومي الباكستاني، "سرتاج عزيز"، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون"، بشأن التصعيد الحالي والتوتر على الحدود الباكستانية منذ بداية الشهر الجاري.
ودعا عزيز، الأمم المتحدة إلى ضرورة حلّ كافة الملفات العالقة بين الدولتين، ولا سيما ملف إقليم كشمير وفقاً لقرارات مجلس الأمن.
وذكر عزيز في رسالته أن القوات الهندية المرابطة على الحدود تنتهك بشكل متواصل اتفاقية وقف إطلاق النار بين الدولتين، وأنها انتهكت الاتفاق 24 مرة منذ بداية شهر أكتوبر، ما أدى إلى مقتل 12 مواطناً باكستانياً، وإصابة 52 آخرين، بينهم تسعة من عناصر الجيش.
تبادل الاتهامات
الهنود يقولون إن باكستان تستخدم الاشتباكات كغطاء للسماح بانتقال مسلحين "إرهابيين" إلى الهند، بينما تقول باكستان إن القصف من الجانب الهندي كان غير مسبب.
وتبادل البلدان الاتهامات بالتسبب بالحادث الذي يؤجّج التوتر بين القوتين النوويتين، اللتين تواجهتا في ثلاثة حروب، اثنتان منها بسبب كشمير ذات الغالبية المسلمة.
ثمن غالى
وحذّر وزير الدفاع الهندي،الخميس الماضى، باكستان وطالبها بوقف القصف "غير المبرّر" في كشمير، مؤكدًا أنها ستدفع ثمن أعمالها، وذلك بعد أسوأ أعمال عنف تشهدها المنطقة الحدودية المتنازع عليها منذ سنوات.
وقال "أرون جايتلي" إن القوات الهندية ستجعل باكستان "تدفع ثمن أعمالها" في حال تواصلت الهجمات.
وأضاف "إذا واصلت باكستان هذه المغامرة، فستواصل قواتنا القتال، وستكون تكلفة هذه المغامرة لا تحتمل"، وأعلن مسئولون هنود وباكستانيون، أن ثلاثة مدنيين قتلوا في كشمير في تبادل لإطلاق نار بين جنود من البلدين، مما يرفع حصيلة القتلى المدنيين إلى 15 منذ أن بدأت الاشتباكات.
وقال مسئول أمني حدودي كبير من الجانب الهندي إن قوات الهند ردت بإطلاق نيران المدفعية وقذائف المورتر على حوالي 50 موقعًا أمنيًا حدوديًا خلال الليل، وكان هناك قصف متقطع اليوم الخميس.
ونزح ما يقرب من 20 ألف مدني هندي عن ديارهم في الأراضي المنخفضة حول جامو بسبب القتال ولجأوا إلى مدارس ومخيمات إغاثة.
وعقدت الهند اجتماعًا لكبار مسئوليها الأمنيين لبحث كيفية التعامل مع الأزمة بينما دعا رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف لاجتماع مماثل الإسبوع الماضي.
إحراج باكستان
وفى شهر مايو الماضىى قبل رئيس باكستان" نواز شريف" دعوة نيودلهي لرئيس الوزراء لحضور مراسم تنصيب رئيس الوزراء الهندي المنتخب "ناريندرا مودي"( المعروف بعدائة للمسلمين). وكانت مشاركة باكستان في هذه المناسبة الأولى في تاريخ البلدين اللذين خاضا ثلاث حروب.
وهذه أول أزمة مع باكستان يواجهها رئيس الوزراء الهندي "ناريندرا مودي" منذ فوزه بالانتخابات قبل أربعة أشهر، وهي تجيء بعد احتجاجات مناهضة للحكومة في باكستان استمرت لأسابيع.
فشل ذريع
ورغم أن إطلاق النار العشوائي شائع على طول خط الحدود الذي يقسم المنطقة فإن نطاق وكثافة القصف هذه المرة كان غير معتاد إضافة إلى عدد القتلى المدنيين
غير أنّ زعيم حزب "الشعب الباكستاني" بيلاوال بوتو، نجل الرئيس السابق آصف علي زرداري، وجّه انتقادات شديدة للأمم المتحدة بشأن ملف كشمير العالق بين الهند وباكستان.
وقال "بوتو" إن "استمرار النزاع بين البلدين بشأن إقليم كشمير فشل ذريع للأمم المتحدة، ولا سيما أن باكستان دعتها مرات عدة، على مدى السنوات الماضية، إلى حل هذه القضية التي تعتبر تهديداً مباشراً لأمن واستقرار منطقة جنوب آسيا.
خطابات دون أهمية
الخطاب من الجانبين حتى الآن لا يمكن اعتباره شديد الخطورة، فعلى الرغم من البيان شديد اللهجة التي قدمته إسلام آباد، إلا أنها ذكرت بموقف رئيس وزرائها نواز شريف وأنه "قام بمد يديه من أجل السلام" في إشارة إلى زيارته للهند في مايو الماضي إبان حفل تنصيب مودي.
كان مودي لمح إلى نهاية وشيكة للقتال حين قال للصحفيين بعد اجتماع مع قائد القوات الجوية "كل شيء سيكون على ما يرام قريبًا"، في خطاب يبدو أقل حدة من خطاب وزير الدفاع.
كشمير الحتلة
ويعود النزاع بين الهند وباكستان حول إقليم كشمير إلى عام 1947، عندما قرر حاكم كشمير الهندوسي الانضمام إلى الهند بدلاً من باكستان، مع تقسيم شبه القارة الهندية بعد استقلالها عن الاستعمار البريطاني.
وفى أكتوبر من نفس العام، نشبت الحرب الأولى بين الطرفين بسبب إقليم كشمير، حتى أوقف مجلس الأمن فى يناير 1949 إطلاق النار بين البلدين، ثم مررت الجمعية العامة مشروع قرار يدعو إلى الاستفتاء فى إقليم كشمير، ويعطي لسكانه الحق في تقرير مصيرهم، وفي عام 1957، قامت الهند بضم ثلثي مساحة كشمير ذي الأغلبية المسلمة، في حين احتفظت باكستان بالثلث الشمالي من الإقليم، وقد حصل هذا الثلث الأخير على استقلال ذاتي، ويعرف اليوم باسم "كشمير الحرة".
وفي سبتمبر عام 1965، تجدد الصراع مرة أخرى بنشوب الحرب الثانية بين الهند وباكستان بسبب النزاع حول كشمير أيضًا، ثم توقف القتال بموجب نداء مجلس الأمن بوقف إطلاق النار، ثم كانت الحرب الثالثة بين البلدين في ديسمبر من عام 1971، والتي انتهت بانتصار الهند، وانفصال باكستان الشرقية عن باكستان، وظهور دولة بنجلاديش.
ثم التقى ذوالفقار علي بوتو، رئيس وزراء باكستان آنذاك، مع أنديرا غاندي، رئيسة وزراء الهند في ذلك الوقت، في مدينة شملا الباكستانية، في لقاء نادر، تباحث الطرفان فيه، ثم جرى الاتفاق بين الطرفين على حل أي نزاع مستقبلي بشكل ثنائي، كما تم الاتفاق على تحديد خط لوقف إطلاق النار بين الطرفين عُرف بخط الهدنة، ويبلغ طول هذا الخط حوالى 720 كم، وقد أقر الطرفان بعدم تعدى أي منهما على الآخر أو خرق اتفاق وقف إطلاق النار، وعدم تعدي خط الهدنة المتفق عليه بينهما.
واستمر التوتر طوال العقد الأخير من القرن العشرين، قبل أن توافق الهند وباكستان على وقف إطلاق النار على الحدود المشتركة بينهما في كشمير عام 2003، إلا أن هذا الاتفاق تم خرقه مرارًا، وها هو يتجدد اليوم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق